قصص القرآن من أوثق القصص و أحسنها لثلاثة أسباب :
الأول : لعظم المصدر ؛
لأنه من عند الواحد الأحد ، من محمد إلى جبريل من رب العالمين هذا سند صحيح
هذا هو السند فإذا سلكت القرآن و الحديث وصلك هذا السند إلى جنات النعيم
يقول ابن تيمية : أهل الحديث الذين انتسبوا إلى هذا السند عن جبريل عن محمد عن رب العالمين
لهم حظ من قوله سبحانه : " وَ رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَك " . و أهل الفلسفة لهم حظ من قوله : " إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ "
قال : أهل الحديث و السنة بمنزلة أهل الصحابة و السنة ، و أهل الفلسفة و المنطق بمنزلة المنافقين في عهده صلى الله عليه و سلم
قال : و ليس في العالم أحد كله يدور معه الحق و الحجة إلا محمدا صلى الله عليه و سلم
و أما غيره فيحتاج قوله إلى أن يحتج له .
الثاني : أنه لا قوالة فيه و لا كذب و لا مبالغة .
أكثر الروايات التي تبث الآن هي من نسج الخيال حتى يعلموا أبنائنا القصة ليحصلوا بها على جوائز
فيذهب الابن إلى البيت يخطط الكذبة و يحضرها في الصباح و يقدمها في الدفتر فَتقُدم له الجائزة
فأين الأخلاق و التربية ؟! و أين المبادئ و القصص ؟!
إن في القرآن الكريم من القصص ما يغنينا عما كتبه ضعفاء النفوس و عديمو الإيمان
فهذه قصة يوسف موجودة و قصة إبراهيم و قصة آدم و قصة الأعراف عندنا القرآن
عندنا تاريخ يكفي الغربيين فلسنا بحاجة إلى قصص من نسج الخيال و الكذب
لأنه ليس عندهم كتاب خالد ، حتى القصص التي نالت جائزة نوبل مثل قصص نجيب محفوظ أكثرها من الخيال
فهي ليست حقائق واقعة و مع ذلك أعطي جائزة نوبل و غيره كثير .
الثالث : أن في قصص القرآن نفعًا و تربية و عودة إلى الحق و نهيًا عن الباطل
بخلاف القصص الأخرى التي تخرج بالإنسان من عالمه ، مثل قصص هنداوي و غيره من القصص التي تجده بالغ
إلى درجة أن يصاب الإنسان بالوسوسة و التخيل ، حتى أصيب بعض الناس بالمرض بسبب الكتب القصصية التي قرأها
و أنا أحذر إخواننا من الاعتماد على هذه القصص الخيالية أو الترويج لها في الأسواق
فليعودوا إلى كتاب الله و إلى قصص الأنبياء و قصص الصحابة رضوان الله عليهم و جمعنا بهم في دار الكرامة .
قال سبحانه : " نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ "
يقول بعض المفسرين :
[ إن الصحابة اجتمعوا عند الرسول صلى الله عليه و سلم ، فقالوا : يا رسول الله مللنا فلو قصصت علينا يا رسول الله ،
فأنزل الله نحن نقص عليك أحسن القصص ، قالوا : يا رسول الله لو وعظتنا ، فأنزل الله : يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ]
فالقرآن هو الموعظة و القرآن هو أحسن القصص و القرآن هو أحسن الحديث
هذا للذي عنده قلب و قد شرح الله صدره بالقرآن ، أما الذي قلبه مغلق معرض فلا يستطيع تدبره و فهمه
فلماذا تنهزم الأمة ؟ و لماذا تتأخر ؟ و لماذا تظهر هذه الأمة بهذا الخور و هذا الفشل و لا تنتصر على الأمم ؟
نعم ، عندنا كتاب انتصر به محمد صلى الله عليه و سلم و انتصر به أصحابه و هو القرآن
اعتصموا به فرفعهم الله و مجدهم و أعظم قدرهم و شرفهم على العالم
فلما تركنا هذا النور تأخرنا و هَزَمَنَا أعداؤنا .